حسن نصرالله  .. بودي جارد الاسد

رجل استطاع يوما ما أن يكون الأسطورة نفسها. أوقف عواصم عربية وغربية على رؤوس أصابعها. اليوم تمدّ الأنظمة العربية ساقيها حتى آخرها. وتتثاءب.

أتعب أمين عام حزب الله حسن نصر الله نفسه بلعبه اليوم هو وجنوده دور (البدي جارد) لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

الكهل المولود عام في 31 آب 1960 كاد أن يملك قلوب العرب. لكنه حين انحنى ليقبل أكف آيات الله المعممات، وأنى له أن لا يفعل، أزاح وأراح. أما الأولى فأفئدة الناس عنه، فيما أراح الأنظمة من شر كاد يقترب من أبواب قصورهم.

رجل إيران عند العرب، ما كان له أن ينأى بوجهه عن الأسد، هو يدرك ذلك جيدا. يدرك كم أن المعادلة واحدة. بقاء نظام البطش في دمشق يعني جلوسه على عرش بيروت، وزوال الاسد يعني نزوله هو الآخر من حيث جاء في بلدة البازورية الجنوبية القريبة من مدينة صور، وربما أبعد من ذلك بكثير .. جنوبا جنوبا. هذا يدركه. وهذا ما يحضر له.

منذ البداية، وتحديدا في العراق، حيث درس في مدينة النجف وتحديدا في مركز المؤسسة الدينية الشيعية (الحوزة) عرف بائع الخضار بنباهة عالية وذكاء واضح، حتى انه انهى دراسته الاساسية التي تحتاج الى خمس سنوات في عامين.

لهذا كان مفهوما أن يلقي عليه مجلس شورى الحزب حمل منصب أمينه العام انتخابا عام 1992م ، في أعقاب اغتيال إسرائيل أمين عام الحزب عباس الموسوي.

كان يومها لا يتجاوز من العمر 32 عاما. لكنه امتلك ما لم يمتلكه محيطه.. صفات نصر الله القيادية وتأثير، خاصة بعد مشاركته منذ العام 82 في العديد من المهمات التنظيمية الناجحة، التي ساهم خلالها في بناء الكوادر وتعليمها وتحضيرها للقتال، فأثبت جدارته.

وبعد أشهر قليلة دخل حزب الله معركته الأولى، لكنها كانت سياسية، شارك فيها بالانتخابات النيابية، وحصد عددا ً من المقاعد النيابية عن محافظتي الجنوب والبقاع. فنما اسمه وسما. لكن كان عليه أن ينتظر ثماني سنوات حتى يتحول الى الأسطورة، عندما نجح حزب الله في تحرير معظم جنوب لبنان عام 2000م.

كيف لا، وها الدراسات المحايدة تقول: إنه كان عام 2009 من بين أكثر خمسين شخصية تأثيرًا في العالم الإسلامي.

عرف دائما بكونه خطيبا مفوها. لكنه تلعثم، وأصابه العي منذ أن اضطر للدفاع عن القتلة. بل وصارت يداه هي نفسها ملطختان بدم آلاف السوريين.

نصر الله متزوج من فاطمة ياسين، وله منها خمسة أولاد: محمد هادي، محمد جواد، زينب، محمد علي, محمد مهدي. أستشهد محمد هادي نصر الله في إحدى المواجهات مع جيش الاحتلال أثناء احتلاله جنوب لبنان.

نظرية توازن الرعب التي وضعها نصرالله خلال صراعه السابق مع إسرائيل، تبدلت، الى نظرية "توازن العداء"، حتى اختلط على الناس أمر فكرة العدو. هل هي إيران ورجلها في المنطقة، أم أنها إسرائيل.

من المؤكد ستبقى إسرائيل العدو الأول لكل العرب. لكن استدراكات كهل إيران على الثورة السورية، تلك التي أجبر صاحبه في دمشق الى تحويلها لثورة مسلحة جعلت في الأمر لدى بعض الناس التباسا؛ أيهما الأولى بالقتال الآن، أخ يقتلني أم عدو يطاردني. عموما استفاق الناس على الفوضى، ولم يعد السؤال مجديا بعد دخول تفاصيل كثيرة على الخط.